تسييس الحل العسكري، بدل عسكرة الحل السياسي.. هل تساعد ثقافة الوصم على إحلال السلام؟ ... بقلم / محمد الامين

تسييس الحل العسكري، بدل عسكرة الحل السياسي.. هل تساعد ثقافة الوصم على إحلال السلام؟ ... بقلم / محمد الامين
يقول فرقاء النزاع في ليبيا ورُعاتهم أن الحل سياسي وليس عسكريا.. ويصرون على ما يقولون حتى لتكادُ تقتنع بأن هؤلاء قد أجمعوا أمرهم على تكديس السلاح وإحراقه في الساحات الليبية العامة صباح اليوم التالي.. لكنك لا تلبث أن تسمع بأخبار القصف وسقوط الضحايا ويتعالى الدخان في الأجواء وتتسابق الأصوات إلى الارتفاع بالشتائم والاتهامات والشيطنة المتبادلة..
وعلى الرغم من اليقين الصلب بأن الحل سياسي في بلدنا، وإصرار المجتمع الدولي كذلك، فإن كل واحد من المعسكرين المتنازعين يستخدم العناوين التي يستخدمها خصمه لإحراجه وتشويهه ونفي كل ما يطرحه..بل ويتصرف كل منهما على أساس أن الحلّ عسكري.. ولا أحد يفعل شيئا تقريبا لفرض الحل السياسي على الطاولة..
النتيجة أن الأجواء مسمّمة بالكلّية.. والبيئة يطغى عليها الاحتكاك السياسي والمناكفة على نحو يستنزف الاجتهادات ويهدر فرصا وإمكانيات كثيرة للالتقاء..
تحول النفي والإلغاء إلى سلوك غرائزي مُلازِمٍ لأطراف المشهد السياسي تستخدم فيه آلية الوصم بمختلف تجلياته، الأيديولوجية والأخلاقية والعرقية والجهوية لشيطنة الخصوم واستباحتهم معنويا على المنابر الإعلامية وبعض المنصات السياسية الدعاية والـ"حلقات" الاجتماعية الفولكلورية بما قد يتحول إلى مقدمات لتبرير الاستهداف الجسدي والمادي..
أين العبقريات التي تنتج هذه الشرور من واجب البناء والتأسيس ورتق ما تمزق من عُرى النسيج الأخلاقي والمجتمعي الليبي؟
لماذا لا يستفيد عموم الليبيين من عبقريات النخب التي سلطتها الظروف عليهم فينجحوا في إخراج البلد من التبعية والارتهان؟
ومن الطرف الأقدر اليوم على إنتاج الخطاب الجامع؟ وعلى صناعة المبادرات الحقيقية وتقريب الليبيين من بعضهم البعض؟
تنقية المناخات السياسية والاجتماعية هي التحدي الرئيسي الذي يمكن أن يساعد على الانعتاق من التدخل الأجنبي وتحجيمه على الأقل.. هي الوصفة السحرية التي قد تحول الليبيين إلى معسكر واحد يستفيد من ثرائه وتنوّعه وعوامل قوته عسى أن ينقذ بعض ما تبقى من مكاسبه..
وللحديث بقية.