خطاب غسان سلامة " المعزّز" بعد برلين "المنزوع الدّسم"..هل هي صحوة ضمير أم استقواء بالوقائع أم هو خبط عشواء؟

محمد الامين يكتب :
خطاب غسان سلامة " المعزّز" بعد برلين "المنزوع الدّسم"..هل هي صحوة ضمير أم استقواء بالوقائع أم هو خبط عشواء؟
تصريحات المبعوث الأممي غسان سلامة التالية لقمة برلين حول ليبيا حفلت بالرسائل المباشرة وغير المباشرة، وهي غير مسبوقة في حدّتها، وأيضا في تناقضاتها على ما أعتقد. البعض يفسرها على أن الرجل قد "طفح به الكيل" و"فاض به" كما يقال.. بينما يعتقد آخرون أن الأمر عابرٌ ومردُّه ارتفاع في منسوب "الأدرينالين" بفعل الزخم الدبلوماسي والسياسي المستجدّ في هذه الآونة..
هنالك رسائل مباشرة وحادة تُجاه مجلس الأمن المشلول عملياّ عن إصدار أية قرارات ذات بالٍ والذي تنسدّ الطرق أمام أعضائه فلا يتوافقون حتى حول مجرد نص قصير أو موقف إدانة أو شجب لجريمة حرب أو حدث مهمّ تشهده الساحة الليبية.. وهذا ما حدَا ببعض أعضاء المجلس إلى البحث عن "توافقات" خارجه، وإصدار بيانات رباعية وخماسية صحبة بلدان من خارج المجلس.. وهنالك من اختار التغريد خارج السرب وخارج أروقة المجلس أو التصرف المباشر واستغلال شغور المواقع الذي يطرأ خلال فترات الجمود بين لحظة وأخرى أو بين جولة وأخرى..
السيد غسان سلامة هاجم الطريقة الأوروبية المعقّدة والمتشعبّة.. هاجم أسلوب الطليان.. ولم يعجبه أسلوب الألمان.. ولا الأمريكان.. لكن ما لم يقله هو أنه ينظر بكثير من التقدير للدور الروسي على النجاعة والفاعلية التي يتميز بها.. لكن الذي علينا أن نتساءل بخصوصه هو إلى أي مدى يمكن أن ينعكس خطاب سلامه ما بعد برلين على مهمّته؟ وما الذي سيحققه من وراء رفض أو اظهار عدم الارتياح لتعزيز بعثته؟ ولماذا يرفض الرجل ذلك متذرعا بطبيعة الليبيين وبخطورة الأمور على الأرض رغم علمه بأن الأرض الليبية تعجّ بالمرتزقة وبكل ما هو أجنبي؟ وأن الآلاف يحملون السلاح والآلاف يستعدون لحمله؟ والآلاف يتدفقون من خارج البلاد نحو ساحة النزاع؟ وإلى أي مدى يمكن أن نعتبر هذا الموقف في مصلحة الليبيين؟ وما السبب وراء معارضته القوية لـ خيار القبعات الزرق والتهديد به كورقة محتملة حتى ولو لم تكن النية تتجه حقيقة إلى الدفع به على الطاولة؟
تصريح السيد سلامه بخصوص عدم ترجيح خيار التواجد العسكري الأممي مطمئن لليبيين "الطيبين".. ويرضي جانبا كبيرا من غيرة المواطن العادي على أرضه.. لكنه كذلك يطمئن "شرار" المتحاربين إلى أنه يمكنهم أن يفعلوا ما يشاءون دون خوف من تدخل أممي أو قرارات من مجلس الآمن في هذا الاتجاه!!
لا شكّ أن السيد سلامه يريد لمهمته أن تنجح.. لكن هل يمكن إلزام الأطراف أو فرض استمرار الهدنة أو تطويرها إلى اتفاق وقف إطلاق نار دائم يمكن أن يتم بشكل طوعي دون "انياب أممية" أو آلية دولية حقيقية وحازمة تحدّد المسئوليات بدقة وتُفعِّلُ تدابير رادعة ضد منتهكي الهدنة؟!!
خطاب السيد سلامه للامانة لا يبدو متّسقاً ولا منسجما.. بل فيه الكثير من "تضارب المصالح" و"تضارب المقاربات".. وفيه من المواقف ما لا ينسجم مع مهمّته وتحديات المرحلة والغرض الأساسي فيها وهو إخماد آلة القتل، واستكمال المسارات في أجواء هادئة..
لا نعلم على وجه الدقة كيف سوف تنعكس هذه التصريحات على اللقاءات المرتقبة المتعلقة بالآليات وبالتمهيد لما أسماه السيد سلامه بـ"الحوار الليبي الخالص" في [بيئة اللاإلزام واللاّردع الملتهبة].. هل ستدفع المسارات أم ستميّعُها أم ستجهضها؟ لننتظر وكفـــى..
وللحديث بقية.