بعد الجزائر والسودان وليبيا،،، اختلاط الأوراق يبعثر السياسات في الإقليم..ولا عزاء للشعوب ... بقلم / محمد الامين

بعد الجزائر والسودان وليبيا،،، اختلاط الأوراق يبعثر السياسات في الإقليم..ولا عزاء للشعوب ... بقلم / محمد الامين
لا يمكن للمتابع إلا أن يحبس الأنفاس إزاء التطورات المتسارعة والاضطراب المستشري في بلدان الإقليم هذه الأيام..
آخر بلد هبّت عليه رياح التغيير هو السودان، حيث انقضّت المؤسسة العسكرية على الحكم مرّة أخرى بعد أن "اقتلعت" عصابة عمر البشير ولفظته لفظ النواة..
..لا تستطيع التقاط أنفاسك وأنت إزاء حالة من الهرج الذي تلاعب بالأولويات وأعاد ترتيبها على نحو حوّل الأساسيات إلى رفاهة والمطالب العادية والبديهية إلى ترف..
الوضع الراهن ربّما يلعب في صالح الحكومات التي سوف تنشرح للكمّ الهائل من الذرائع والمبرّرات التي سوف تسوّقها لتبرير فشلها.. والشماعات الكثيرة التي ستتفنّن في تعليق إخفاقاتها عليها.. ولا عزاء للمواطنين.. المواطن العادي الذي اعتصم وتحرك وملأ الشوارع وقدّم الضحايا وانسدّت "حناجر أبنائه" بغازات القنابل التي يدفع ثمنها من جيبه، والتهبت ظهورهم بهراوات البوليس الذين يدفع مرتباتهم من مقدراته..
المواطن العادي استفاق اليوم في السودان على بيان انقلابي جمع بين الصّلف العربي و"السّفور" الأفريقي،، بيان انقلابي أعاد الأمور إلى ما قبل انقلاب عمر البشير، وعوّضه بحالة طوارئ مستدامة وهشّم المؤسسات المدنية وأغلق البرلمان وألقى بالدستور في سلّة المهملات بقرار جاهل ، مؤذناً بحكم شمولي متحجّر سوف لن يمنعه حياء ولا أخلاق من الاستيلاء القانوني على السلطة بحلول نهاية الفترة الانتقالية، هذا إن لم ينقذ السودانيون مستقبل أبنائهم ويكنسوا شلة المجرمين وعصابة البشير الإجرامية التي بقي عُتاتُها المطلوبون دوليا ممسكين بناصية الحكم متشبثين بأمل الإفلات من تبعات جرائم تورطوا فيها على مدى ثلاثة عقود..
نظام البشير الذي حوّل بلدا بحجم قارة إلى شطرين متخلّفين غارقين في النزاعات والمجاعات،، وتلاعب بالديموجرافيا وبالجيوبوليتيكا،، وقتّل الآلاف وهتك الأعراض،، أهدر من موارد السودان الطبيعية والبشرية، وقضى على فرص التقدم والنماء ببلد زاخر بالخيرات بشكل ممنهج ومتخلف لم يسبقه إليه أحد في بلاد النيلين.. ليس هذا فحسب، بل عبث بأمن الجوار وجعل من بلده بلدا جائعا مارقا ومنعزلا وتاجر بكل شيء فيه، وسمسر بكل شيء..
في السودان الخصب الشاسع شعبٌ مسالم انتفض منذ أربعة شهور يبحث عن صدى لأصوات شباب يافع يائس رافض لحكم الدبابة..
وفي الجزائر الغنية الواعدة حراك سلمي نقيّ تحدى عصابة تربّت في حضن الجيش الفرنسي وظلت تحرس مصالحه وتحتمي به وتستأسد على شعبها على مدى عقود..
أما في ليبيا الجريحة المستباحة..فيوجد شعب اتّحدت مصالح فرقاء متصارعين حول السلطة فيه على تشريده وتهجيره.. شعب يتفنّن حُكامه شرقا وغربا في إلحاق كل أشكال الأذى به، تجويعا وتفقيرا وترويعا وتهجيرا.. وشباب يُساقُون إلى مصائر دامية وموت محقّق بسطوة الترهيب والإكراه والخصاصة والبطالة والعصبيّة.. ويُرغمُون على قتل أناسٍ لا علاقة لهم بهم ولا سبق لهم أن التقوْا بهم أو واجهوهم،، أناس من بني جلدتهم وبني وطنهم!!
وفي معظم بلدان هذه الأمة مترامية الأطراف أوطان جريحة وشعوب مكبّلة مقهورة وحكومات متنمّرة على الملايين من البشر تمارس السطوة والتسلط، وكيانات قزمية ضئيلة الحجم تنتحل بالمجاز صفة الدول تخطت حدودها وحشرت أنوفها في شئون شعوب عريقة وبلدان كبيرة، فدقّت أسافين العداء والكراهية وأقامت أسوارا وخطوط دفاع من الجماجم والجثث، وخنادق تجري فيها الدماء، كي تحمي نفسها وتُحصّن عروش طُغاتها ومستبدّيها من عدوى الفوضى الخلاقة..
والله المستعان..