قطر والاستنزاف المالي: صفقات بالمليارات لشراء دعم الغرب ... بقلم / محمد الامين

قطر والاستنزاف المالي: صفقات بالمليارات لشراء دعم الغرب ... بقلم / محمد الامين
يبدو أن صفقات التسليح العسكرية الضخمة التي تبرمها القوى الدولية ستؤدي في النهاية إلى تحقيق ما لم يحقّقه تهديد ووعيد خصوم قطر الإقليميين. فمن صفقات المقاتلات الأمريكية بحولي 12 مليار دولار في يونيو الماضي، إلى صفقة خيالية أخرى لتوريد سبع قطع بحرية اليوم مع ايطاليا بحوالي 5 مليارات يورو، تتأكد أن البلد الصغير بصدد شراء ما لا يحتاج وما لا يمثل شيئا في معادلة استمرار الدول والتي تقوم أساسا على القوة السكانية والمساحة وتعداد الجيوش!!
قطر اليوم تشتري بمليارات الدولارات أسلحة لجيش لا يعُدّ سوى المئات أو الآلاف في أحسن الأحوال.. وهذا يدل بالأساس على أن السياسة هي التي بصدد الدفاع عن الوجود وليست الجيوش.. وهذا في حدّ ذاته ليس بالأمر السيئ لولا أن ما يجري هو في الحقيقة تكالبٌ دولي من قوى تسعى إلى الإدلاء بدلوها في الأزمة الخليجية لتحقيق الربح قبل كل شيء..
فالأمن الخليجي والسلام بالمنطقة يعني كسادا اقتصاديا وخسائر مالية للعالم المتقدّم.. والوئام الإقليمي والهدوء بهذه الأرض الملتهبة سيؤدي إلى تكدس السلاح والسلع على نحو يرغم المصانع الأوروبية والأمريكية على تسريح مئات الآلاف من خبرائها وعمالها وموظفيها كي تستقبلهم الشركات الروسية والصينية واليابانية المنافسة بالأحضان!!.. أما في أحوال التوتر والكراهية والخصومات القبلية والأسرية والإقليمية فتزدهر المبيعات العسكرية، ويملأ السماسرة والمستشارون جيوبهم بالمال الوفير.. وتنشط حركة الصفقات المريبة والتحويلات المشبوهة بين العواصم المستفيدة من الاشتباكات الساذجة التي لا طائل من ورائها..
لكن من وراء الصفقات التي يدفع فيها القطريون المليارات بين كل فترة وأخرى، وفي ظل مؤشرات التراجع الاقتصادي، يبدو أن الحلّ الوحيد الذي توصل إليه الغرب لتحييد دويلة الغاز وتقليم أظافرها هو إثقال كاهلها بأكبر قدر من الالتزامات المالية والنفقات العسكرية.. وما يجري بالضبط هو استغلال فاحش من الغرب للاندفاع القطري الذي تغذيه هستيريا حب البقاء، لمزيد الربح، ولغضب خصومها ورغبتهم في إيذائها بكافة الأشكال ودفعها إلى الاستسلام السريع خشية إطالة أمد الأزمة ..
وهذا يعني بالنهاية أن يجد القطري نفسه عاجزا عن التأثير في ملفات وقضايا إقليمية، وعاجزا عن التدخل، بدافع تحاشي الإنفاق والخوف من العواقب السياسية والدبلوماسية.. والنتيجة هي أن الغرب الذي يقبض المليارات من معسكر خصوم قطر، هو بصدد خدمة أجندة هؤلاء الخصوم بطريقة مثمرة على المدى المتوسط والبعيد، لكنها في المدى القريب تنعش خزائنه وتشغل القوى العاملة عنده، وتخلق مزيد العاطلين والناقمين والإرهابيين والجياع والأميين ببلداننا.. بأموالنا يعيشون ويتقدمون.. وبأموالنا ينحروننا ويخربون أجيالنا ويدمرون بلداننا.. والله المستعان..