ايوان ليبيا - وكالات:
يبدو أن العملة الليبية لم تفقد قيمتها داخليا فقط بسبب الأوضاع التي تعيشها البلاد من فساد وفوضى أمنية وأيضا لم تفقد قيمتها أمام العملات الأجنبية فقط حيث يعرف الدينار انخفاضا كبيرا في تونس سواء في المصارف الرسمية أو في السوق الموازية حيث تبلغ قيمته في سوق الصرف في مدينة بنقردان الحدودية 2.7 د وهو انهيار لم يعرفه منذ سنوات طويلة.
قبل 2010 كانت قيمة الدينار الليبي تفوق التونسي في السوق الموازية، كانت 100 دينار ليبية توازي 103 دينار تونسية وأحيانا أكثر. استقرار الأوضاع الأمنية وتوازن السوق المالية ومحافظة الإنتاج النفطي على نسق معروف كلها أسباب جنبت ليبيا تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت اقتصادات الدول الكبرى في تلك الفترة.
كان المواطن الليبي لا يحتاج مبالغ كبيرة من أجل السفر إلى تونس للسياحة أو للعلاج، فالعملة الليبية كانت في وضع مريح حتى أمام العملات الأجنبية وكانت تكاليف الحياة في ليبيا أو في تونس أفضل بكثير مما هي عليه اليوم. لكن الأوضاع انقلبت في ليبيا "بالانقلاب" الذي وقع في نظام الحكم، حيث كانت مرحلة "17 فبراير" التي وضع قطاع من الليبيين آماله عليها، مرحلة سقوط حقيقي للدولة واقتصادها فانتشر الفساد والمحسوبية وفوضى السلاح وتراجعت قيمة العملة المحلية تدريجيا إلى أن وصلت مرحلة وصفها مراقبون كارثية بعد أن بلغ أمام سوق جارة وأقل إمكانيات من ليبيا وهي تونس 2.7 د وهو رقم لم يشهده الدينار الليبي على الأقل في سنوات الألفية الأخيرة.
اليوم يعجز المواطن الليبي القادم إلى تونس عن توفير مبالغ لصرفها في سوق الصرف في بنقردان مثلما كان متعودا قبل سنوات، حيث لم يعد يكفيه مبلغ 3000 دينار من أجل قضاء أسبوع سياحة أو 5000 دينار من أجل علاج أبسط الأمراض في إحدى المصحات لأن الدينار منخفض بشكل كبير ولم يسترجع عافيته رغم التطمينات التي يصدرها المسؤولون في كل فترة. ورغم أن السوق الموازية للصرف في بنقردان تعتبر أفضل للمواطن الليبي لكن هبوط العملة الليبية لم يسعفه من أجل توفير مبالغ كافية له ولعائلته عند زيارة تونس.
يقول التجار في سوق الصرف في بنقردان أن انهيار الدينار الليبي لم يؤثر في حياة الليبيين فقط حيث تعرف محلاتهم كسادا كبيرا لم يعرفوه من قبل، فتراجع القيمة يقلل من الحركية التجارية بين البلدين بسبب ارتفاع الأسعار، كما يقلل من دخول الليبيين إلى تونس أو دخول التونسيين إلى ليبيا حيث تذكر بعض الأرقام أن الحركية عند المعبر الحدودي برأس الجدير تراجعت بعد "الثورة" في ليبيا حوالي 30 بالمئة بين 2012 و2014 مما أثر على التعاملات المالية. ورغم استعادة اللمعبر لحركيته تدريجيا لكن السوق المالية واصلت في الانهيار بسبب سيطرة "مافيات" عليها وعدم تمكن المصرف المركزي من ضبط الدينار أو التحكم في نزوله رغم محاولات العلاج من خلال الالتجاء إلى ميزانيات الاحتياط التي اقتطعت إلى حوالي 38 بالمئة أو أكثر إلى حدود 2015.
ورغم تنبيهات المصرف المركزي الليبي حول الفساد المالي وتأثيراتها على سعر الصرف ورغم الإجراءات الإصلاحية التي ينتهجها مضطرا في كل فترة من أجل المحافظة على توازن الدينار لكنه بقي يواصل الهبوط ولم يتعافى حتى بالصعود الكبير لإنتاج النفط الذي بلغ إلى منتصف يوليو الجاري أكثر من مليون برميل يوميا.
التحذيرات الداخلية والدولية من الحالة التي بلغتها العملة في ليبيا لم توقف عملية الهبوط، ورغم الدعوات التي يطلقها اقتصاديون وسياسيون ليبيون من أجل إنقاذ الدينار الذي قد يتسبب في كارثة اقتصادية غير مسبوقة فإن حالات الفساد الكبيرة التي تحصل دون أن يقع ردعها وسيطرة مليشيات مسلحة على المعاملات المالية وشح السيولة في المصارف والاضطرابات السياسية والأمنية التي تضرب البلاد منذ 6 سنوات كلها مؤشرات تنذر بوضع غير مطمئن للاقتصاد المحلي رغم استعادة بعض القطاعات لعافيتها خاصة النفط والمبادلات التجارية.
الدينار الليبي ينهار داخل الاسواق التونسية
